كشفت دراسة طبية ألمانية عن وجود علاقة مؤكدة بين ارتفاع خطر
إصابة النساء والرجال بمرضي سرطان الثدي والبروستاتا وعملهم ليلا أو تغييرهم نوبات
دوامهم لفترة طويلة.
وذكرت الدراسة الصادرة عن مركز الطب البيئي وبحوث
الوقاية الصحية بجامعة كولونيا أن العمل الليلي وتغيير نوبات الدوام لمدة طويلة
يربك الوضع الحياتي الطبيعي للإنسان ويخرب ساعته البيولوجية وجهاز المناعة عنده
لفترة طويلة نتيجة تعطل إنتاج الجسم لهرمون الميلاتونين المقاوم لنمو الأورام
السرطانية.
وأوضح المشرف على إعداد الدراسة رئيس مجموعة البحوث الطبية
بجامعة كولونيا البروفيسور توماس أرين أن هرمون الميلاتونين لا يعمل إلا أثناء
النوم في الظلام فقط، وله وظيفة طبيعية واحدة هي الاستفادة من الليل المظلم في
تقوية الجهاز المناعي ووقاية الجسم من الأورام الخبيثة ومن بعض
الأمراض.
وقال أرين للجزيرة نت إن تجارب أجريت في إطار الدراسة على حيوانات
تعرضت للضوء خلال الليل لفترة طويلة أظهرت وجود علاقة قوية بين النشاط الحركي في
الضوء ليلا وتعطل هرمون الميلاتونين المعيق لنمو السرطان بالجسم.
تجارب
وتحاليل
واعتمدت دراسة جامعة كولونيا علي دراسة سابقة صدرت عام 2007 وساوت فيها
الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية بين خطر الإصابة
بالسرطان نتيجة التعرض للأشعة فيما يعرف بأستديوهات حمامات الشمس الاصطناعية، وخطر
الإصابة بالمرض الخبيث بسبب العمل ليلا وتغيير نوبات الدوام.
وحللت الدراسة
الألمانية نتائج ثلاثين دراسة عالمية مشابهة في الموضوع، وذكر معدوها في مستهلها
أنه "بات معروفا على نطاق واسع أن السفر أو الحركة المؤقتة ليلا يؤديان لفقدان
الشهية والإرهاق الشديد وتعكير المزاج، غير أنه ليس معروفا بما يكفي أن ممارسة هذا
لفترة طويلة من خلال العمل ليلا أو تغيير نوبات الدوام يضعف جهاز المناعة ويرفع خطر
الإصابة بالسرطان".
وفحصت الدراسة على مدار سنوات الحالة الصحية لـ240 ألف
شخص يواظبون على أعمال ليلية أو يعملون في شركات للطيران، وخلص معدوها إلى أن العمل
الليلي يزيد مخاطر نمو الأورام الخبيثة.
ولفتت نتائج الدراسة الطبية
الألمانية إلى أن "النساء اللاتي يسافرن باستمرار بالطائرات من منطقة إلى أخرى
بينهما فارق كبير في التوقيت، أو اللاتي يعملن ليلا أو يغيرن مواعيد دوامهن لفترات
طويلة معرضات أكثر للإصابة بسرطان الثدي"، وقالت إن الرجال الذين هم في أوضاع
مماثلة يزيد لديهم أيضا خطر الإصابة بسرطان البروستاتا.
وحذرت الدراسة
الراغبين في العمل الليلي من المخاطر المترتبة على هذا، ونبهت إلى أن "العمل الليلي
يحرم الجسم من حقه في النوم الطبيعي الذي لا يمكن تعويض كميته أو فائدته بالنعاس
بضع ساعات في ضوء النهار".
وصنفت الدراسة البشر من حيث النشاط الحركي إلى
نوعين، وشبهت الأول بالبوم المتعود على الاستيقاظ والحركة ليلا والخمود مع إشراق
الشمس، والثاني بالعصافير التي تنشط في الصباح وتتعب عند حلول المساء، ودعت الدراسة
أصحاب الأعمال -في حال الضرورة- إلى عدم تعيين عمال بالخدمة الليلية إلا من يتشابه
طابعهم اليومي مع البوم.
وتفاءل معدو الدراسة الطبية من نجاح النتائج التي
توصلوا لها في إقناع وزارة العمل الألمانية بمساواة المخاطر الناجمة عن العمل
الليلي بنظيراتها التي يسببها التعرض للإشعاعات الضارة أو تدخين السجائر، وذكروا أن
الدراسة تعد مسوغا قانونيا لمنح تعويض مادي للنساء أو الرجال الذين يصابون خلال
العمل الليلي بسرطان الثدي أو البروستاتا